أقوم بإجراء الكثير من النقاشات على صفحتي على الفيسبوك حول المواضيع المنشورة هنا. أرجو الانضمام

Thursday, March 25, 2010

This Time


للمغنية سيلين ديون Celine Dion أغنية جميلة جداً و ملهمة غنتها لمناصرة النساء ضحايا العنف المنزلي لفضح الواقع المرير الذي يعشنه على حقيقته و لدعمهن في التحرر من ربقة الظلم الذي يقع عليهن، عنوانها "هذه المرة This Time"



هكذا تبدأ الأغنية...
One more hour burns
So scared of his return that I can’t sleep tonight
In this hospital light

إذن ترسم لنا صورة حزينة لمأساة تلك المرأة المضطهدة و هي ترقد طريحة الفراش في المستشفى نتيجة لإصابة ألحقها بها شريكها و هي رغم ذلك غير قادرة على أن تخلد للنوم من شدة خوفها من اللحظة التي سيصل فيها هذا الرجل إلى باب غرفتها.

ألتقيت في حياتي العديد من النساء اللائي قام و يقوم أزواجهن بضربهن و منهن الجارات و القريبات. مشكلة العنف المنزلي ليست و بكل تأكيد مقتصرة فقط على المجتمع الغربي بل هي موجودة كذلك في مجتمعاتنا. و في حين أنها تعتبر بشتى صورها ظاهرة غير قانونية لدى الغرب إلا أنها جزء لا يتجزأ من ثقافتنا في الشرق بل إنها توجد حتى في عمق كتابنا المقدس:
وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ



https://lh6.googleusercontent.com/_RP007FAI71g/Ta0skxvNVaI/AAAAAAAAAFU/olmW_WqkCho/s800/black-eye.jpg


و تنساب الموسيقى...

What you call a tragedy is just another day to me
For my heart beats with fear
When his footsteps draw near



استمعت لهذه الأغنية عدة مرات و فكرت في مشكلة العنف المنزلي و كيف أنني كلما ظننت أنها إلى زوال، أعادت حادثة أو اثنتين جديدتين إلى ذهني أنها لا تزال في أوجها.
و لكنني تذكرت بأن الواقع في الشرق الأوسط أشد مرارة و أن العنف أخطر و أكبر و لا يقف فقط عن حد العنف المنزلي. فالخطر الرئيسي الذي تتعرض له النساء في الشرق الأوسط في نظري هو العنف الديني، و أقصد به ذلك الذي يكون المحرض الرئيس من ورائه هو الدين. إنه أسوأ أنواع العنف طراً فهو قد يتمثل في شكل عنف جسدي أو لفظي أو معنوي أو جميعها و هو يتميز بأنه عنف... مقدس! هذا العنف لا يقتصر فقط على النساء اللائي يدخلن علاقات مع رجال ساديين بل هو عنف يطارد كل امرأة شرقية منذ مولدها و إلى مماتها. يمارس ضدها سواء كانت متزوجة أو غير ذلك. يمارسه عليها الرجال و النساء على حد سواء. بل و تمارسه هي ذاتها ضد نفسها.
ما الذي جعلتني هذه الكلمات أفكر فيه؟ ما الذي خطر ببالي عندما استمعت لهذه الأغنية؟

The life I’ve meant to lead won’t slip away from me
Cause This time is the last time
I know that my eyes have seen too much

أجل لقد رأت عيناي ما يكفي. رأت عيوننا ما يكفي من التحقير و تحطيم الثقة و طعن الأحلام الجميلة. يكفينا 14 قرناً من التجمد على حال واحدة لا تتبدل، حال لا تسر صديقاً و لا حتى عدواً. أجل كل النساء الشرقيات قد عشن العديد من اللحظات العصيبة في هذه الحياة، لم يكن ذنبهن فيها إلا أنهن نساء
This nightmare is not fair and I have had enough
You break me and as I bleed you just say you’re sorry

و من المذهل أنه لا أحد مستعد لتحمل المسئولية عن كل هذه المآسي التي حدثت و لا تزال تحدث للمرأة الشرقية. لا أحد مستعد لمجرد الاعتذار عن هذه الطعنات التي أنزفتها كرامتها قطرة تلو قطرة، دع عنك التصدي لتطبيبها. المجتمع يلقي بالجريمة على كاهل الله و كلما ناقشت أحدهم عن تعدد الزوجات مثلاً يجيبك بأن هذا كلام الله. و لو سألتهم كيف تقبلون أن يضرب الزوج زوجته يقولون لك هذا حق أعطاه الله للرجل و من أنت حتى تجادل في كلام الله. فإذا قلنا لرجال الدين، إذا قلنا لنواب الله على الأرض إنما إلهكم إله ظالم فإنهم يتنصلون و "ينصلونه" من المسئولية تماماً و يلقونها على عاتق المجتمع. فعندما نسألهم مثلاً كيف تجرأ محمد و قال أن النساء ناقصات عقل و دين؟ يقولون أنه لم يقصد بذلك معنى سيئاً و إنما هي غلطة المجتمع الذي فهمها خطأ! و إذا قلنا لهم لماذا أمر الله المرأة بطاعة زوجها يردون أن الله لم يأمر بذلك و لكن المجتمع فهم كلام نبيه خطأ. من المسئول إذن؟ أ ليست معرفة الداء نصف العلاج؟

You call this love?!

أما المضحك المبكي بحق فهو أنك بعد كل هذا تسمع أحد ضحايا هذا الدين يقول: الإسلام كرم المرأة

But this time your lies are not enough

و لكن ما سمعناه من أكاذيب و نفاق لم يعد كافياً ليبقينا حبيسات لهذه التعاليم البربرية البالية التي ربما كانت مقبولة في المجتمعات التي نشأت عنها قبل قرون و لكنها لم تعد مقبولة بتاتاً الآن. هذه المرة في هذه اللحظة يجب على كل النساء أن يقفن في وجه الظلم و القمع الذي يمارس ضدهن باسم الدين و يقلن لا. لا لجعلنا بشراً من الدرجة الثانية، لا لجعلنا عورات، لا لاعتبارنا مجرد أجساد مغرية و شيطانية، لا لاعتبارنا ناقصات.

There's nothing left of this
Your whispered words and empty threats
Rip away the seams of what I thought this would be


ماذا غير التهديد و الوعيد يمكن أن يجبر إنساناً على أن يرضى بإذلاله و إهانته؟ و الأسوأ في مسألة العنف الديني هو أن هذه التهديدات كلها كاذبة و مبنية على أساطير و خرافات لا أساس لها من الصحة:

  • إن لم تسمح الزوجة لزوجها باغتصابها في عز ما هي منهكة و غير راغبة فإن الملائكة ستلعنها
"إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح "
و لكن الملائكة كائنات لا وجود لها!!!

  • لو كشفت المرأة عن شعرها فإنها ستحرق بالنار يوم القيامة
"على كل شعرة جمرة"
حسناً ابتسمي، ليس هناك من جهنم :)

  • على المرأة أن تكون دائماً خاضعة لسلطة رجل ما
"الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..."
و لكن سيدتي هل يوجد حقاً ما يسمى ب"الله"؟؟

كم يحزنني أن تكتفي المرأة في مقاومة هذا القهر و الظلم بأن تدعي الله على الظالم. و هي لا تعلم أن هذا الله هو السبب في كل الظلم الذي وقع عليها. و هو فوق ذلك غير موجود!!


The last thread has come undone
To reveal what I've become
Another victim of a poison love


نحن ضحايا لحب هذا الإله الخيالي لنا، ذلك الحب المريض. ضحايا لرغبته بعلمه المطلق لإرشادنا لما يصلح لنا و يصلح حالنا. يظن الإله أنه يعرف عنا أنا ضعيفات الشخصية، ضعيفات العقل و التفكير، ضعيفات التحكم في النفس، خنوعات بطبعنا و مجردات من كل كرامة بشرية. من لاحظت على نفسها كل هذه الصفات؟ حقاً و صدقاً هل أنت امرأة على هذه الطريقة الإلهية؟ هل أنت هذا الكائن المشوه الذي يتخيل الإله أنه خلقه؟؟


https://lh4.googleusercontent.com/_RP007FAI71g/Ta0tHCe25xI/AAAAAAAAAF8/CpgmKDzz3Bw/s800/9ee45a938ac7620034e23e7a84fe5730_lm.jpg


I’ve been afraid for years
But that won’t keep me here

What remains a mystery
You can not have the best of me
So I'm taking back
All you took from me


ثوري يا سيدتي و تمردي و اعلني رفضك لظلم المجتمع الذكوري و ظلم إلهه الذكر و نبيه الذكر. لن يسيطروا عليك و يخضعوك. لن يتمكنوا من التغلب عليك و تحطيم كرامتك.

لو كنت عزيزتي من اولئك اللائي انكسرن و استسلمن في يوم من الأيام لضغط المجتمع و قسوته و تنزلت عن حق من حقوقك أو اقنعت عقلك غصباً بكل الأشياء السيئة التي قالوها لك عنك، فتذكري أن الأوان لم يفت بعد لتستعيدي كل ما أخذوه منك فيما مضى. و اعلمي أنه لو تبقت في حياتك لحظة وحيدة فإنها تستحق أن تعيشيها كإنسانة عزيزة، مكرمة، و فخورة بنفسها.


تعليقات سابقة من الزوار على المقالة:




  • Bronia Gaston · Luxembourg
    @Samya Rjoop
    عزيزتي الهدف من المقال هو مناصرة المرأة و لكن الطريق إلى هذه المناصرة يمر عبر مهاجمة الإسلام. لأنه كما وضحت أنا في المقالة فإن الإسلام يعتبر من أهم الأسباب التي تدفع بالمرأة إلى الخلف كلما رغبت المرأة في المسير إلى الأمام

    العنف ضد المرأة موجود في عمق كتاب المسلمين المقدس
    وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ
    فأين المفر من ذلك؟؟؟
    لابد من المواجهة
    • Bronia Gaston · Luxembourg
      @عفاف جاسم
      عزيزتي الأديان لا يمكن أن ترضى عن هذا الكلام لأنه نقد قوي و مباشر و من منا يحب أن ينتقد؟
      و لكن ما باليد حيلة. يجب علينا أن ننتقد الأديان بكل وضوح و صراحة إذا أردنا فعلاً أن نحرر المرأة من الظلم الواقع عليها بسبب هذه الأديان

      دعك عن الإلحاد و الملحدين هنا فنحن نتحدث عن قضية حياتية تمس كل واحدة فينا. فلنفرض أن الملحدين كانوا على خطأ و ان هناك إله فهل من المعقول أن يكون هذا الإله هو إله المسلمين بكل شره و قسوته و ظلمه و إجحافه بالمرأة؟
      • Bronia Gaston · Luxembourg
        @Zakia Dha
        العفو عزيزتي. شكراً على قراءة المقال :)

        Well Dan@
        شكراً صديقي الغالي. أين أنت هذه الأيام؟ لم أعد أراك كثيراً
        لقد وقعت في غرام هذه الأغنية مذ أن سمعتها أول مرة. إنها و كأنها تعبر بالضبط عما يدور في ذهني

        Brahim El Hartati@
        عزيزي أشكرك على هذا التشجيع. أقدر و أحترم جداً الرجال الذين يقفون في صف المرأة رغم الإغراء الكبير الذي تمثله الثقافة الذكورية حيث تمنح الرجل السلطة المطلقة و تجعله سيداً على النساء و تعطيه مزايا لا تحصى و لا تعد. من يتخلى عن كل هذا في سبيل الإنسانية يستحق فعلاً كل الاحترام

        Rafiaa Sassi@
        عزيزتي أجل يا له من واقع مؤلم و لكن آن الأوان أن ننتفض و نثور عليه من أجل حقوقنا و كرامتنا
        • Bronia Gaston · Luxembourg
          @ألاسكا لس
          لك جزيل شكري

          حدث نقاش بخصوص هذه النقطة التي طرحتها بيني و بين خالتي ذات يوم. أصرت خالتي على أنه ليس من حق المرأة أن تكون قاضية طالما أن الإسلام قرر ذلك و أن المرأة عاطفية و لا تستطيع السيطرة على نفسها و بالتالي تتخذ قرارات خاطئة. قلت لها: ما الذي يجعلك تقولين هذا؟ انت امرأة عشت مع نفسك زهاء الخمسين عاماً فهل لاحظت ذات يوم أنك بهذه السذاجة و هذا الضعف؟ قالت لي بصدق: لا و لكن أؤمن بأن المرأة تصبح بهذه السذاجة عندما تصبح قاضية. سألتها: و ما دليلك على ذلك؟ قالت لي: لأن شرع الله يقول ذلك.
          هي واثقة من أننا لو أجرينا دراسة على القاضيات الناجحات لاكتشفنا أنهن في الحقيقة فاشلات و لكن فشلهن لم يطف على السطح
          لا ادري كيف يفكر الناس بهذه الطريقة. كيف يستطيع الإيمان أن يقنع المرأ بأنه فاشل تماماً رغم أنه لم ير الفشل في نفسه ذات يوم.
          أعتقد أن الإيمان أعمى فعلاً، تماماً كما يقولون عن الحب
          • Bronia Gaston · Luxembourg
            أشكرك من قلبي يا عزيزتي :)
            • Well Dan · 27 years old
              مقال قمة في الروعة ،، مبااااالغة كأني أراك من كتبتي كلمات الأغنية
              • Brahim El Hartati · محمد الخامس الرباط
                ثوري يا سيدتي و تمردي و اعلني رفضك لظلم المجتمع الذكوري و ظلم إلهه الذكر و نبيه الذكر. لن يسيطروا عليك و يخضعوك. لن يتمكنوا من التغلب عليك و تحطيم كرامتك.
                • Zakia Dha · Friends with Hisham Adam
                  un article trés interressant,merci bcp..
                  • Rafiaa Sassi · Lycée el omrane
                    quel chagrin ca fait mai au cœur!!!!!!
                    • Uruba Alhussaini · Al Al-Bayt University
                      مقال أكثر من رائع يا مبدعة
                      • عفاف جاسم
                        هذا كلام لا ترضى عنه جميع الأديان تحقير الإله وتشويه الذات الإلهية ... الله الذي يجمعنا مسلمين ويهود ومسيحيين أما الملحدين الكفرة فلا تفسير يقنعهم هم ذاتهم ليجيبوا عن السؤال العلمي من أين جاؤوا ؟؟ وكيف ظهر هذا الكون بكل ما فيه