أقوم بإجراء الكثير من النقاشات على صفحتي على الفيسبوك حول المواضيع المنشورة هنا. أرجو الانضمام

Monday, April 18, 2011

آيات قرآنية- سورة البقرة 5


107

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ

تفسير الطبري:

وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { مِنْ دُون اللَّه } فَإِنَّهُ سِوَى اللَّه وَبَعْد اللَّه . وَمِنْهُ قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : يَا نَفْس مَالَك دُون اللَّه مِنْ وَاقِي وَمَا عَلَى حِدْثَان الدَّهْر مِنْ بَاقِي يُرِيد : مَالَك سِوَى اللَّه وَبَعْد اللَّه مَنْ يَقِيك الْمَكَارِه. فَمَعْنَى الْكَلَام إذًا: وَلَيْسَ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْد اللَّه مِنْ قَيِّم بِأَمْرِكُمْ وَلَا نَصِير فَيُؤَيِّدكُمْ وَيُقَوِّيكُمْ فَيُعِينكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ .

حسناً ما الذي يعنيه الله بأنه ليس للناس دونه من ولي و لا نصير؟ هل يعني أنه لا يمكن لأحد أن ينتصر إلا لو كان الله وليه؟ هل يعني هذا أن كل أعداء الله و الكفار لا يوجد من ينصرهم في حال خاضوا صراعاً أو حرباً؟ هذه الآية غريبة المعنى فليس هذا هو ما يحدث على أرض الواقع. الآن في العالم هناك صراع بين المسلمين و بين الكفار و اليهود أعداء الله و هذا الصراع مستمر لقرون و المسلمون هم الخاسرون على طول الخط و رغم ذلك فإن الله لم يحرك ساكناً و لم ينصرهم. على الجانب الآخر نجد أن أعداء الله ينتقلون من انتصار إلى انتصار دون توقف. و بما أنه لا يمكن أن يكون السبب هو أن الله تولاهم و ناصرهم فهذا يعني أن انتصارهم و قوتهم يرجع الفضل فيها كلها إليهم هم لوحدهم. و أن من يعمل و يجتهد فإنه لن يحتاج إلى إله يقف بجانبه لكي ينتصر. كل ما عليك فعله هو تقوية اقتصادك و تصنيع بعض الطائرات المقاتلة و الدبابات و تشغيل مفاعل نووي أو أثنين و ستنتصر. لا أجد أبسط من هذا الدرس. و أجد من المدهش أن المسلمين لم يستطيعوا أبداً أن يتعلموه. 



الصورة من ابداعات الزميل xyz بمنتدى اللادينيين العرب

لماذا يصرون على مواصلة السير في طريق الله؟ لماذا يصرون على أن يتحجبوا و يتنقبوا و يرجموا من يمارس الجنس و يقطعوا عنق المرتد حتى يرضى الله عنهم و ينصرهم؟ إذا كان الكفار لم يحتاجوا إلى حجاب أو نقاب لكي ينتصروا فلماذا يصر المسلمون على إرهاق أنفسهم بهذه المهازل من دون سبب؟ لماذا نسمع في كل يوم مَن يخطب و يتشدق داعياً إلى صحوة إسلامية و مصراً على أن الطريق إلى النصر هو عبر العودة إلى العصر الحجري.. عفواً إلى صحراء ما قبل 1400 عام و إطالة اللحى و غض الأبصار و حبس النساء في البيوت؟ لماذا يصرون على أن ضعفهم الحالي سببه ابتعادهم عن الدين؟ هؤلاء الكفار مبتعدون أشد الابتعاد عن الدين و رغم ذلك لم يتضرروا بشيء، فلماذا يهزم المسلمون رغم أنهم أقرب بملايين المرات من الكفار إلى هذا الدين؟ فبماذا أفادهم الدين؟ لماذا يعجزون عن فهم أن النزاهة و حسن الخلق كافية تماماً لخلق مجتمع ناجح و دول متقدمة؟




الصورة من ابداعات الزميل xyz بمنتدى اللادينيين العرب


لماذا يضيعون وقتهم في أداء الصلوات و الدعاء و التوسل لله لكي يحرر غزة؟ لماذا يصلون الجمعة و يخطب فيهم الإمام ساعة لكي يدعو بقتل أعداء الدين و تفريقهم بدداً و تيتيم أطفالهم و ترميل نسائهم؟ لماذا يضيعون نهاراتهم في النوم بعد قيام ليل طويل ممتد يقضونه كله في التوسل إلى الله لكي يتولاهم؟ لماذا لا يتوقفون عن كل هذا الهراء الذي لم تثبت له أي فائدة و يسلكوا الطريق المضمون الذي سلكه اليهود فلم يحتاجوا إلى نصرة الله و لا إلى توليه؟ عليهم أن يوجهوا مجهوداتهم في الاتجاه الصحيح. فليتعلموا و يتحرروا و يبدعوا و يتوقفوا عن تضييع وقتهم في التدخل في شئون الآخرين و في مطاردة النساء حاسرات الوجوه في الشوارع و مراقبة ما يحدث داخل غرف النوم المغلقة. و ليتفرغوا للعلم و البحث و الإنجاز. إن من يتولاه العلم فلن تجد له غالباً و لا حتى الله. حقاً و صدقاً متى كانت آخر مرة رأينا فيها الله ينصر أحداً؟؟؟


108

أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ

هنا يستنكر الله على المسلمين أن يطرحوا الأسئلة على رسولهم، و يقول لهم هل تريدون أن تسألوا الأسئلة كما كان بنو إسرائيل يسألون موسى؟ و هذا تشبيه بشيء مستهجن فالله بعد أن كان عاشقاً لبني إسرائيل فيما مضى و اعتبرهم شعبه المختار و بعث كل رسله إليهم و صبر على "بلاويهم" قرون عدداً، عاد و انقلب عليهم فجأة و صار "يشوف الموت و لا يشوفهم" و كرس ربع صفحات كتابه الأخير، القرآن، لهجائهم و التشهير بهم. هذا إذن تنفير شديد من الله للمسلمين من طرح الأسئلة بل و إنه يجمع بين طرح الأسئلة و الكفر في نفس العبارة زيادة في تبغيض الناس في السؤال.

هناك عدة ملاحظات. أولاً الآية غامضة و لم توضح نوعية الأسئلة المستهجنة. كيف بالضبط سُئل موسى من قبل؟ هل هناك نوع معين مرفوض من الأسئلة أم أن الأمر متروك لصلعم يستغله في اللحظات الحرجة التي تطرح عليه فيها الأسئلة الصعبة؟

الآيات السابقة لهذه الآية تتحدث عن معضلة النسخ و عن قوة و جبروت الله فهل هذه يا ترى هي الأشياء المحرجة التي يجب على المسلمين ألا يسألوا عنها؟ أم المقصود بالسؤال هو الطلبات التي كان بنو إسرائيل يطلبونها من موسى؟ أم المقصود هي الأسئلة التي تبحث في صميم المعتقد و نظرية الإله؟

ثانياً لماذا ينفر الله المسلمين من طرح الأسئلة؟ أي أمة تعلمت و تطورت من دون أن يكون لديها الحد الأدنى من الفضول و حب الاستطلاع؟ و كيف يمكن للناس أن يؤمنوا بشيء هم لا يعرفونه جيداً و لا تتضح لهم صورته و لا يلمون بأبعاده؟ كيف للناس أن يؤمنوا بصحة نظرية أن إله محمد هو الذي خلق الكون من دون أن تتاح لهم الفرصة للاستفسار أكثر عن طبيعة هذا الإله و أبعاد هذه النظرية؟ كيف لهم أن يؤمنوا و يسلموا من دون أن يروا معجزة واحدة؟ لماذا لا يطلبون أن يوحي الله إليهم أو يبرز لهم مثلاً حتى يتأكدوا من وجوده؟ كيف نفرض عليهم أن يتعبدوا كل يوم بقراءة آيات معناها غامض بالنسبة لهم؟

هل لهذا السبب يخلو تراث المسلمين اليوم من أي تفسير للقرآن مروي على لسان صلعم؟ هل لهذا السبب الدين الإسلامي مليء بالغوامض التي يحاول المسلمون تفسيرها و تأويلها و يختلفون ويتقاتلون من دون أن يكون هناك ما يهديهم من إلههم أو رسولهم؟ هل السبب هو أن المسلمين كانوا يخافون أن يسألوا صلعم عن تأويل آياته و معانيها بسبب هذا الحظر الإلهي المفروض على طرح الأسئلة؟؟

ثالثاً ما هو معنى "أم" الموجودة في أول الآية؟ المفروض أنها تربط الآية بما قبلها و كأنها تعطي خياراً ثانياً من اثنين. و لكن أين هو الخيار الأول؟ هل يا ترى هناك آية (أو آيات) محذوفة قبل هذه فقدت أثناء كتابة أو جمع القرآن تحتوي على الخيار الأول؟

غموض الآية نفسها و عدم وضوح معناها و اختلاف المفسرين عليها هو مثال آخر لما نتحدث عنه و لانعدام الفائدة و المعنى من كثير من آيات القرآن بسبب غموضها و عدم تجرؤ الصحابة على الاستفسار عنها.

هل يا ترى الإسلام يحض الناس على أن يتخذوا التلقين لا التفكير طريقةً للتعلم،، و السمع و الطاعة من دون فهم أسلوباً للحياة؟


109
وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

تحدثت في الجزء الثالث عن الآية 105 و عن البغضاء التي يحاول الله أن يشحن بها قلوب عباده المسلمين و يجعلهم يؤمنون بأن أهل الكتاب و الكافرين إنما يكرهونهم و يحسدونهم على نعمة الإسلام التي من بها الله عليهم و يحاولون أن يضروهم بسبب ذلك حقداً و حسداً. و الآن يصر الله على تكرار هذه الوسوسة الشيطانية على مسامع عباده في آية جديدة تحمل معنى مشابهاً. السؤال هو حتى متى سيظل المسلمون يستمعون إلى وسوسات إلههم الذي ما فتئ يمعن في تضليلهم و في فصلهم عن بقية البشر و عزلهم عنهم بحجاب من الكره و البغضاء؟ حتى متى سيظلون يؤمنون بنظرية المؤامرة و أن كل العالم إنما يصحو و ينام على هَم الانتقام منهم و الإضرار بهم؟

ثم يا الله لماذا هذا التفكير الملتوي؟ إذا كان شخص ما يحسد المسلمين على إٍسلامهم و يعتقد أن الإٍسلام هو الحق فلماذا لا يريح نفسه بالانضمام إلى هذه الأمة المحسودة و الاستمتاع معهم بالخير العظيم الذي يتقلبون فيه؟ هل هناك أسهل من نطق الشهادتين؟ من هو الأحمق الذي يلقي بنفسه في النار عامداً من شدة حسده للمسلمين بدلاً عن أن يدخل الجنة معهم؟ هل يبدو لك هذا الكلام منطقياً؟






و اللطيف في الأمر هو أن الله بعد ذلك يطلب من المؤمنين أن يعفوا و يصفحوا. هو أساساً ماذا فعل أهل الكتاب لهم حتى يعفوا و يصفحوا عنهم؟ يحتوي هذا الجزء على المزيد من الإيحاء بأن أهل الكتاب قد ارتكبوا سوءاً كبيراً في حق المسلمين و أن المسلمين لو شاءوا أن يكونوا هم الأفضل فعليهم أن يعفوا و يصفحوا. يعني يختلق المشكلة ثم يأنف عن التنازع فيها؟ أليس هذا ضرباً من الجنون؟ المشكلة أن البشر بطبعهم عندما يتم شحنهم بمثل هذه المشاعر السلبية و إيغار صدورهم بالحقد و إشعارهم بأنهم مستهدفون فإن كل همهم يكون أولاً هو حماية أنفسهم و الدفاع عنها (ضد هذا الخطر الوهمي) بكل السبل الممكنة حتى لو كانت الهجوم الاستباقي! و ثانياً محاولة رد الصاع صاعين و الانتقام! لذلك فقد نجح الجزء الاول من الآية تماماً في تحقيق أهدافه. أما الجزء الثاني فمن البديهي أن يكون مصيره الفشل. و إذا كان صلعم يمتلك الذكاء الكافي فلابد أنه كان قادراً على التنبؤ بهذه النتيجة.

ثم أن عبارة "حتى يأتي الله بأمره" رغم غموضها إلا أنني أشتم فيها رائحة الانتقام. إذا سامحتموهم و صفحتم في الدنيا (عن ماذا؟؟) فسوف ينتقم الله لكم منهم في الآخرة!

خلاصة ما حدث هو أن الله أصاب عباده بالبارانويا التامة و التي ما تزال تشكل حاجزاً بينهم و بين الغرب تمنعهم من الاستفادة منه و من تطوره و من خلق علاقات حسنة بينهم و بين أهله. و هي خسارة كبيرة للمسلمين في المقام الأول. و إلى الله تشير أصابع الاتهام.