118
وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا
اللَّهُ أَوْ تَأْتِيَنَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ
قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
استكمالاً للحديث الذي ابتدأناه عند نقاشنا للآيات 111 و 112 من سورة البقرة نتطرق اليوم إلى الآية رقم 118 و التي ينتقد فيها الله مطالب بني إسرائيل التي رأوا أن تحقيقها سيكون سبباً في إيمانهم.
لا أدري ما هو الخطأ الذي ارتكبه هؤلاء عندما طلبوا أن يكلمهم الله حتى يتهمهم بالجهل و عدم العلم. الطلب مشروع جداً و منطقي تماماً بل و هو التصرف السليم لمن يُعرض عليه أمر كهذا. إذا كان الله يريدنا أن ندرك وجوده فلم لا يظهر نفسه لنا لكي نتأكد من وجوده فنعبده؟ و إذا كان هؤلاء لا يعلمون بوجود الله و بالتالي يطلبون مثل هذا الطلب فلماذا لا يكلمهم الله لكي يوفر لهم العلم الذي يحتاجون إليه و يغنيهم عن السؤال؟
لا أدري ما هو الخطأ الذي ارتكبه هؤلاء عندما طلبوا أن يكلمهم الله حتى يتهمهم بالجهل و عدم العلم. الطلب مشروع جداً و منطقي تماماً بل و هو التصرف السليم لمن يُعرض عليه أمر كهذا. إذا كان الله يريدنا أن ندرك وجوده فلم لا يظهر نفسه لنا لكي نتأكد من وجوده فنعبده؟ و إذا كان هؤلاء لا يعلمون بوجود الله و بالتالي يطلبون مثل هذا الطلب فلماذا لا يكلمهم الله لكي يوفر لهم العلم الذي يحتاجون إليه و يغنيهم عن السؤال؟
لو كان الله موجوداً و وجوده مسألة تعرف تلقائياً بالعقل و المنطق و كان الله قد
خلق للجميع العقول التي تمكنهم من التعرف عليه لكان مائة بالمائة من سكان العالم
الآن مؤمنين. لو كان وجود الله بديهياً و مسلماً به لما جعله الله محور اختباره. لو كان وجود الله مفروغاً منه
لتجاوزه الله باهتمامه لما هو أكثر أهمية منه مثل العلاقات الإنسانية و حسن التعامل بين البشر.
لو كان الله واثقاً من قوة اثبات وجوده لما جعل منه محوراً لأديانه العديدة و
العامل الرئيس الذي على أساسه يتحدد هل الشخص من الأبرار أم من الفجار و هل
مصيره إلى الجنة أم إلى النار. تركيز الله الشديد على مسألة أن يؤمن الناس بوجوده
و إلا عذبهم يجعلك تحس بأن في الأمر "إنّ" كبيرة جداً.
قالت لي احدى زائرات صفحتي: "لو كان الله موجود عياناً بشكل لا
يستحث التفكير لما تمايز الناس ولما ضل البعض وأمن البعض ولما كنا مخيرين" فكان ردي عليها: "و بما أن تمايز الناس و ضلال
بعضهم هو ليس شيئاً جيداً و لا يمكن أن يكون هدف الله فإذن إما أن الله قد ارتكب
خطأ فادحاً و أن العقول التي منحنا لها بغرض التعرف عليه "مضروبة"، و إما أن الله غير موجود!"
إذا كان الله موجوداً فعلاً و لكن وجوده مصمم بالطريقة الخطأ التي تجعل فهمه صعباً على البشر فإذن الله واقع في خطأ شنيع. أما إذا كان الله يخفي نفسه عمداً لكي يوقع بعض البشر في الضلال فإذن هو إله سادي و حقير. الخيار المتبقي هو أن يكون الله غير موجود أصلاً. فهل هذه هي الحقيقة التي يجهلها الكثيرون؟
إذا كان الله خلقنا لعبادته
فليظهر نفسه لنا و يقنعنا بأنه مستحق للعبادة حتى نؤمن به و نعبده. أي شيء آخر هو
لف و دوران لا داعي له. و هو إذن في نفس الوقت ليس له الحق في معاقبتنا إن فشلنا
في أن نؤمن بوجوده لأنه أخفى نفسه عمداً. و على الله أن يتحمل مسئولية تصرفاته.