حكت لي إحدى صديقاتي المؤمنات بحقوق المرأة قبل مدة حكاية مدهشة و كانت حزينة جداً و مصدومة بسببها و أعتقد أنها قد حكتها لكل من قابلتهم في ذلك الأسبوع. قالت لي أنها كانت تتجاذب أطراف الحديث مع إحدى زميلاتها و تطرق الحديث إلى مسألة حقوق المرأة فقالت لها احدى الحاضرات أن المرأة من واجبها أن تطيع زوجها و تداريه و أنه عليها ألا تظهر لزوجها أبداً أنها أذكى منه. فسألتها صديقتي: حتى و لو كانت هي أذكى منه فعلاً؟ فردت عليها: هذا هو ما يكون عليه الحال دائماً. فقالت صديقتي: لا شئ يلزمني بأن أدعي الغباء فقط لكي أظل دوماً في المكانة السفلى. لو كانت زوجي أقل ذكاءً مني فبحق السماء لم يجب ألا يعلم بذلك؟ عندها نظرت إليها زميلتها نظرة نارية ثم قالت: من أي الجامعات تخرجت؟ فردت زميلتي بتلقائية: جامعة كذا و كذا. عندها صاحت بها الأخرى: فعلاً هذه الجامعة كثيراً ما تخرج منها المعاتيه و المخبولين عقلياً!!!! تقول صديقتي: صدمت من المستوى الذي انحدر إليه النقاش في تلك اللحظة و بتلك الصورة الفجائية.
و شاركتها أنا الإحساس العميق بالصدمة. أذهلني أن تستشيط امرأة غضباً لأن أحدهم حاول أن يقترح عليها ألا تقوم بالتقليل من شأن نفسها و تحقير ذاتها لأجل أي شخص كان. تحيرت في كيف ترضى امرأة تعرف أنها بنفس ذكاء زوجها إن لم تكن تفوقه ذكاءً أن تعيش معه عمرها كله توهمه بأنها غبية و أقل منه فقط لكي تحفظ له غروره و
his inflated ego
لماذا يجب على المرأة أن تكون هي الطرف الأغبى حتى إن لم تكن حقيقةً كذلك؟ لماذا تحتم عليها أن تكون هي الطرف الأدنى حتى و إن كانت تمتلك ما يؤهلها لغير ذلك؟ لا أتخيل أن أعيش حياتي أمثل الغباء! أفكر في شئ ذكي فأقول بدلاً عنه أغبى تعليق، فقط لكي يتمدد غرور زوجي و يملأ الفضاء و هو يقول بينه و بين نفسه: يا لها من حمقاء! ما الذي سيحدث لو أصبحت نفسي؟ ما الذي سيحدث لو توقفت عن التزييف و أظهرت حقيقتي كما هي؟ هل سأضرر أنا من أن أبدو بمظهر الذكية شيئاً؟ أم أن كل ما يحول بيني و بين أن أكون ذاتي هو خوفي من أن يكتشف زوحي أنه ليس الأذكى و تتبخر صورته الذكية و غروره المتمدد؟ و ما الذي سيضر زوجي لو علم أنه ليس الأذكى؟ لو كنت أنا أقل ذكاء منه فهل كنت سأتضرر شيئاً من معرفتي لهذه الحقيقة؟ مم سيتضرر هو إذن؟ ما كان ضرني و أنا أعلم أنني لست الأقوى جسدياً مثلاً؟ أ ليس لكل إنسان نقطة ضعف؟ نحن بشر و لسنا الرجال الخارقين. نتفوق على البعض في أشياء و يتفوقون علينا في أشياء أخرى.
أ ليس نقص عقلنا هو المبرر الذي يستخدمه الرجال ليعطوا أنفسهم الحق في السيطرة علينا تحت مسمى القوامة؟ أ ليس هو السبب الذي من أجله يجعلون المرأة ملزمة بطاعة زوجها، لأنه دائماً يعرف أفضل منها؟ فهل هذا المبرر إذن هو مجرد كذبة مدعاة هو الآخر؟ نكذب عليهم كذبة لكي يسيطروا علينا بها؟ ما هذا الذي يحدث مع المرأة الشرقية؟ لماذا هي التي تحفر القبر لنفسها و هي حية بيديها؟
تدور النقاشات طويلاً حول من هو الأذكى الرجل أم المرأة. و البحوث العلمية تميل أحياناً لناحية طرف معين و أحياناً للطرف الآخر و لكن أغلبها يدل على أن الاثنين يتساويان في الذكاء في المتوسط و هذا لا يعني أن الأفراد لا يتفاوتون فهذا بديهي. و لا ينفي ذلك الاختلافات الطفيفة في نوع مهارات الذكاء بين الجنسين فعلى ما يبدو أن الرجال يتفوقون في مهارات التدوير الذهني للأشكال ثلاثية الأبعاد بينما النساء يتفوقن في الذاكرة مثلاً. و هي ليست بالفروقات الضخمة كبيرة الأثر. و لسنا على ثقة في السبب فيها هل هي الجينات أم الظروف البيئية و التنشئة.
ذات يوم جلب لي أحد الأصدقاء دراسة صدرت مؤخراً أظهرت أن الرجال يفوقون النساء ذكاءً بعدة نقاط و قال لي: ها قد أثبت العلم الحديث أن كلام رسول الله قبل 14 قرناً كان صحيحاً و أن النساء ناقصات عقل فعلاً! كتمت غيظي من هذا الحديث و قلت له بهدوء: بغض النظر عن أن هناك دراسات أخرى عديدة أظهرت أن الجنسين ذكاؤهما متساو بل و أن بعض الدراسات أظهرت أن النساء يتفوقن على الرجال، فلنفرض أن دراستك هذه هي الصحيحة فهل يعني تفوق الرجل على المرأة في المتوسط ببضعة نقاط ذكاء أن النساء ناقصات عقل؟ بأي منطق؟ هل تعرف ما تعنيه عبارة "ناقصات عقل"؟ إنها تعني أن شخصاً ما لديه قصور ما في وظائف العقل و الذكاء مما يؤثر سلباً على أدائه الحياتي.
هل تعرف أن لدينا نوعين فقط من البشر: رجال و نساء؟ فكيف بمقارنة ذكائهما تستنتج أن المرأة ناقصة عقل؟ أ ليس من الممكن أن الرجل هو الذي لديه "زيادة" في العقل؟ أيهما تختار كمقياس standard؟ ثم فلنفرض مثلاً أن معدل ذكائك هو 120 (ذكاء عالي) و ذكائي أنا 125 و أنا بهذا أفوقك بخمسة نقاط فهل يعني هذا أنك ناقص عقل؟ هل يكفي تفوق أحدهم عليك في الذكاء لكي نقرر أنك ناقص عقل؟ يكفيك أنك ذكي و أن معدل ذكائك مرتفع و أن عقلك يقوم بمهامه على أكمل وجه و أنك لا تعاني من أي صعوبات في حياتك اليومية لكي ننفي عنك هذه التهمة. لو كان نبيك قد أطلق هذه العبارة الشنيعة بناء على قراءته لهذه الدراسة الأخيرة من دون كل الدراسات الأخرى و من دون أن يقوم بعمل meta-analysis فإذن علينا أن ننصحه أن يحسن من مستوى دقته العلمية و من أسلوب تعبيره عن النتائج بطريقة علمية و من مستواه الأخلاقي عند قيامة بانتقاء مثل هكذا ألفاظ قاسية. هل تعرف أن أكثر النساء المسلمات بغض النظر عن أعمارهن تؤمن إيماناً قاطعاً بأنهن ناقصات عقل، و لو كانت احداهن تحمل داخل جمجمتها دماغاً يبلغ ذكاؤه 145 أو حتى 170! فقط لأن محمداً قال عنهن ذلك؟! هل تعرف معنى أن يعيش شخص ما حياته كلها ظاناً أنه غبي؟ هل تعرف لماذا تمنع أساليب التربية الحديثة أن تنعت طفلك أو تلميذك بالغبي حتى لو كان ذكاؤه 70؟ هل تعرف مدى النتائج المأساوية التي قد تترتب على قول مثل هكذا عبارة؟ هل تستطيع أن تتخيل مدى فداحة التدمير الذي سببه نبيك الكريم بعبارته هذه لملايين النساء على مر القرون؟
تأمل!
Magued - 3/8/2010 9:05:49 PM
الجزاء من جنس العمل دايما برونالرجاله يوهموا الستات انهم غبيات فيحرموا نفسهم من ذكائهم و فوايده و أديكي شايفة احنا مجتمعات متقدمة اوي جدا طحن!!!
مجتمعاتنا للاسف فاكره ان فشلها صدفه مش عارفة انهم اشتغلوا بجد على افشال نفسهم.
عموما انا شايف ان الاصلاح يااما يكون ذاتي و بالتدريج او من الخارج بس يكون جاد و صارم